لم يعد الذكاء الاصطناعي والأتمتة مادة من عالم الخيال العلمي، إذ وجدت أدلة دامغة تبين أن التحول في ما تحتاج إليه القوى العاملة اليوم جاري بالفعل وأنه سيستمر في النمو أكثر بكثير في المستقبل.

في جميع أنحاء العالم، يناقش قادة من الحكومات الصناعية مستقبل العمل والتغييرات التي تحدثها التكنولوجيا والأتمتة، على الرغم من هذا، فإن العالم لا يتفاعل بسرعة كافية لتحديث نظامنا التعليمي،وفقًا لتحليل 750 مهنة من معهد McKinsey Global Institute، فإن 51% من الوظائف معرضة بشكل كبير للأتمتة.
من المهم أيضًا الإشارة إلى أن هذه الأنشطة تشمل الوظائف في مختلف المجالات، ويشير ذلك إلى أن الأتمتة ستؤدي إلى حد كبير للبطالة الجماعية وهو أمر مثير للانزعاج، ولكنها ستحتاج بالتأكيد إلى إعادة تعريف معظم المهن والمهارات المطلوبة.

ماذا سنفعل للأجيال القادمة التي ستصل إلى مشهدنا الأخير هذا؟
كالعادة سيتخرج الطالب الذي بدأ المدرسة الابتدائية اليوم من الجامعة في منتصف عام 2030، وسيعمل في مهنته حتى عام 2060 أو بعده، على الرغم من أننا لا نستطيع التنبؤ بدقة احتياجاتنا للقوى العاملة في منتصف القرن، إلا أننا نعلم بالفعل أنها تتغير وستستمر في التغيُّر مع معدل التقدم التكنولوجي.
ومع ذلك، فإن معظم المدارس، نرى المدرسين يقومون بتدريس نفس المواد بالضبط كما درسوها هم في عام 1918: القراءة والكتابة والرياضيات والعلوم والتاريخ واللغات الأجنبية.
تتركز النقاشات دائمًا حول مستقبل التعليم على تغيير طريقة تدريسنا لاحتضان التكنولوجيا في الصفوف، ولكن لا يوجد نقاش حول تغيير ما نعلمه للأطفال، يجب أن نسير قدمًا لمناقشة مستقبل العمل جنبًا إلى جنب مع مناقشة مستقبل المناهج الدراسية.
نحن بحاجة ماسة لحل المشكلات والتفكير الإبداعي والمهارات الرقمية والتعاون التي لا يتم تدريسها في مدارسنا، حتى عندما تقوم المدارس بتدريس المهارات الرقمية، فإنها تركز على كيفية استخدام التكنولوجيا -كيفية إنشاء مستند أو عرض تقديمي- بدلًا من كيفية إنشاء التقنية بحد ذاتها، بعض الموضوعات التي نعلمها اليوم لم تعد ضرورية في ثلاثينيات القرن العشرين: الكتابة اليدوية عفا عليها الزمن بشكل متزايد، والحساب المعقد لم يعد يتم يدويًا، فمن خلال الإنترنت تم استبدال الحاجة إلى حفظ العديد من الحقائق الأساسية.

مواد تعليمية
نحن نواجه التحدي المتمثل في إعادة تعريف التعليم التأسيسي لمواكبة تطور المهارات المطلوبة لحل المشكلات والابتكار والنجاح. ولكن، كمجتمع، نحن نفشل في مواجهة هذا التحدي وبالتالي نفشل في إعداد الجيل القادم بشكل مناسب للمستقبل.
لإعداد جميع الطلاب بالمهارات الإبداعية والتعاونية والرقمية لحل المشكلات في المستقبل، يجب على المدارس تعليم علوم الكمبيوتر كجزء من المناهج الدراسية الأساسية، فعلوم الكمبيوتر ليست فقط حول الترميز إنه أيضًا يتعلق بالتفكير الحسابي وتصميم الواجهة وتحليل البيانات والتعلم الآلي والأمن السيبراني والشبكات والروبوتات، إن تعلم علوم الكمبيوتر يشجع الإبداع وحل المشكلات والأخلاقيات والتعاون، وهي مهارات ليست مهمة فقط للمهن الفنية في العالم المتقدم ولكنها ذات قيمة لكل مهنة في جميع الاقتصادات.
ينبغي أن يناقش قادة التعليم إزالة جوانب المنهج الدراسي لعام 1918 لإفساح المجال للمناهج الدراسية لعام 2020، ولا ينبغي نقل علوم الكمبيوتر إلى أندية ما بعد المدرسة أو مسابقات الروبوتات، يجب ألا يكون الوصول إليها فقط كملحق تعليمي ولكن يتم تدريسه كجزء من يوم المدرسة الابتدائية والثانوية، حيث يمكن لجميع الطلاب الوصول إليه.
لقد بدأت العديد من الدول في تبني علوم الكمبيوتر كجزء من مناهجها الوطنية، مثل ما في الولايات المتحدة، غيّرت 44 ولاية سياسات الاعتراف بعلوم الكمبيوتر كجزء من المواد الأكاديمية، كما أعلنت أكثر من 25 دولة عن خطط لتوسيع نطاق علوم الكمبيوتر في اليوم المدرسي، ومن هذه المجموعة المملكة المتحدة وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية والأرجنتين والإكوادور وإيطاليا وماليزيا والسويد وتايلاند.
قد يبدو تدريس علوم الكمبيوتر في المدارس مخيفًا لكنها فكرة تولد الأمل، إنه يلهم المعلمين ويشرك الطلاب، على الرغم من أن غالبية معلمي العالم ليس لديهم خبرة في علوم الكمبيوتر وأن العديد من مدارس العالم تفتقر إلى أجهزة الكمبيوتر أساسًا، إلا أنها مشاكل يمكننا حلها ويجب علينا حلها، إذ تقوم دول مثل البرازيل وتشيلي ونيجيريا بوضع خطط لمواجهة هذه التحديات وينبغي على بقية العالم أن يحذو حذوهم.