الحديث حول المشروع الشخصي هو حديث يرتبط ببناء ينطلق من الشخص ويتجه نحو أفق مفتوح يتميز بخصوصيات معينة؛ تتعلق بنمط من أنماط الحياة، والشخص هنا يعني الذات بما تحمله من أبعاد فلسفية، سيكولوجية وسوسيولوجية. بين الشخص والأفق المفتوح هناك سيرورة نمائية، ووقائية وعلاجية تعطي الدينامية اللازمة للمشروع، وتضمن استمرارية بلورته وتحقيق أهدافه المسطرة.
من خلال ما سبق ما هي الشروط و المتطلبات الواجب توفرها لتحقيق أهداف المشروع الشخصي للمتعلم(ة)؟
سؤال محوري يتطلب بسطه، البدء بالتنصيص على محورية المتعلم باعتباره فاعلا ومسؤولا عن تعلماته، واختياراته التربوية و المهنية بمساعدة من الفاعلين من محيطه بمختلف مكوناته. مما يتطلب نبذ المقاربة المبنية على التلقين عبر اعتماد دعم المبادرة الفردية، وخوض تجارب مع البيئة المحيطة وتشجيع التعلم الذاتي من أجل:

  • تنمية النضج الفكري: أي القدرة على التمييز والتحليل والحجاج والواقعية؛
  • دعم الاستقلالية: أي شعور الشخص بأنه مصدر الأفعال التي يقوم بها وهو المسؤول عليها؛
  • إذكاء حافزية المتعلم: لأنها تعتبر مصدر الطاقة للفعل والتفاعل؛

مما سيساعد على الانخراط في سيرورة التربية والتكوين، ويشجع على العمل بمقاربة المشروع الشخصي عبر هذه السيرورة، ويتطلب ذلك إرساء بيئة مدرسية حاضنة لهذه المقاربة، تعمل على خدمة مواكبة المشاريع الشخصية للمتعلمين؛ وإعداد بنية مدرسية وتربوية مواكبة، بالإضافة إلى توفير آليات تتبع واستثمار هذه المشاريع.
إن من شأن إرساء الخدمات والبرامج والأنشطة والتدخلات التربوية المواكبة للمتعلم، مساعدته على اكتساب كفايات الاختيار وبناء المشروع الشخصي، وتحييد العوائق التي تحول دون التمكن من الكفايات المطلوبة،
وتعتبر المواكبة، عملية تربوية قائمة على مبدأ التبادل، تسعى للإجابة عن وضعية تربوية معينة، وفق مسار غير خطي قابل للضبط والتعديل، يتم خلالها إعمال مبدأ التعبئة المشتركة للموارد، وتتخذ عدة تمظهرات تحيل على مجموعة من التطبيقات العملية من قبيل المصاحبة والإشراف والاحتضان …
يشترط في المشروع الشخصي ثلاثة عناصر أساسية:

  • المرامي: وهي مقاصد مستقبلية مختارة من لدن الشخص انطلاقا من ميوله وقيمه التي تبدو في متناوله.
  • الاستراتيجيات: وهي مساع تسمح ببلوغ هذه المرامي، وتخضع لأبعاد زمنية.
  • وضع ترابط بين ” الشخص ومحيطه “: يبنى المشروع من خلال مسلسل مستمر لتمثل الشخص لنموذج محصور في العالم المهني.

في الختام إن المشروع الشخصي هو انفتاح على المستقبل لتحقيق هدف محدد، وكثيرا ما يطرح هذا الانفتاح بعض المشاكل المرتبطة بانسداد الأفق بفعل أزمة القيم وظاهرة البطالة وغيرها من الإكراهات الصادمة والضاغطة، الباعثة على الضيق والقلق والتوتر، ولهذا فإن نجاح أي مشروع من المشاريع يتوقف من جهة على طبيعة الأهداف والقيم والأخلاق التي توجهه ،ومن جهة أخرى على نوعية العلاقة القائمة بين أطرافه الثلاثة الأساسية وهي الذات والمؤسسة والمجتمع.

المراجع:

  • مذكرة رقم 19-106 بتاريخ 08 أكتوبر 2019 في شأن إرساء العمل بالمشروع الشخصي للمتعلم بالثانويات الإعدادية والثانويات التأهيلية.
  • أحرشاو، الغالي ( 2005 ). العلم والثقافة والتربية، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة.
  • اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين ( 2000 ). الميثاق الوطني للتربية والتكوين. المملكة المغربية.