فترة الامتحانات .. دور الاباء في التخفيف من القلق عند الأبناء

بقلم : العياش القاسمي

مستشار التوجيه التربوي

فترة الامتحانات … دور الاباء في التخفيف من القلق عند الأبناء

بدأ العد التنازلي لموعد امتحانات الدورة الاولى بمستوى السادس ابتدائي والثالثة ثانوي اعدادي.  بدأت الاستعدادات وأعلنت الأسر حالة الطوارئ في البيوت … أيام تحمل معها التوتر والاضطراب والقلق وقد يتطور الأمر إلى مشكلات  وأزمات…

الأسرة السعيدة الهادئة أهم ما يتمناه الأبناء في هذه الفترة من السنة. ولكن كيف نجعل بيتنا هادئا وسعيدا ومساعدا خلال تلك الفترة ؟

فقد أكد الخبراء التربويون أن للأسرة الدور الأول في اجتياز الأبناء لهذه الفترة العصيبة من السنة الدراسية ، فهي التي تخفف جو التوتر والقلق وهي التي تخلق الجو المحفز للمتعلم للإنجاز .وأضافوا أن الجو الأسري المليء بالحب والعطف والتحفيز يكون له اكبر الأثر في التخفيف من جو التوتر الذي يعاني منه الأبناء.

قيمة الامتحانات

بداية ، ان الضغط والتوتر والخوف هي العوامل المشتركة لدى كل أسرة تمر بفترة الامتحانات. ولتقليل هذه المعاناة علينا أن ننظر بموضوعية إلي قيمة هذه الامتحانات بحيث نجد أن الامتحان ليس محنة ولا هو لتحديد التكريم من الإهانة، ولكنه فرصة لتقييم وتقويم أداء المتعلم حتى يتعرف علي ما أنجزه وما يجب أن يركز عليه في الأيام التالية. كما أن المراجعة في مرحلة ما قبل الامتحان مباشرة يجب أن ترتكز حول المراجعة فقط لأن الدخول في التفاصيل تؤدي إلي التشتت والإرهاق الذهني.

و لتقليل التوتر أثناء الامتحانات يجب الاهتمام بالمراجعة مع اعطاء وقت مناسب للترفيه حتى يستطيع المخ تكملة المشوار، بالاضافة الى  التدريب على بعض التمارين التي تقلل من التوتر مثل التنفس الهاديء والعميق، والذي تكراره عدة مرات حتى يتعود المتعلم عليه وبالتالي تسهل ممارسته أثناء الامتحانات.

عادات خاطئة

هناك العديد من العادات الخاطئة التي تقوم بها الأسر في اعتماد المقارنات، والتركيز على الميزات العالية، دون وعي بالفروق الفردية، وتنوع القدرات، واختلاف المواهب، و ان العمل الجاد والمثابرة أهم من الموهبة .

 كما أن حالة الطوارئ ومظاهر التوتر تكون من خلال منع مشاهدة التلفاز واستعمال الهاتف و الكمبيوتر والزيارات والأصحاب وممارسات الهوايات… للأسف من إعلان حالة الطوارئ يبدأ موسم المشكلات داخل الاسرة وتتحول أيام الامتحانات إلى أيام نكد في البيت يقضي على جو الأمان المطلوب لأبنائنا. ولا حل إلا بالتوازن والاعتدال بين افراد الاسرة والابتعاد عن الخلافات أو تأجيلها إلى وقت ما بعد الامتحانات. وللوصول إلى تلك الطمأنينة يجب على الاباء الايمان بأن المسؤولية الحقيقية تقع على الأبناء بزرع الاعتماد على أنفسهم، وتحسيسهم أن المفضل لديهما هو أبناؤهم وليست الشهادة أو الدرجات  حتى لا يكره الأولاد الامتحانات ومعها الدراسة المتنازع عليها بين الآباء وحتى لا ينتشر لدى الأبناء الخوف أو الإحباط.

المسؤولية

ان للأسرة دور كبير في تكريس توتر الامتحانات، وذلك راجع إلى سبب رئيس وهو ”انتظار النجاح”؛ فالعديد من الأسر لا تهتم بتعليم أولادها إلا في آخر المطاف ، وبالضبط انتظار ”النجاح”، وكلما كانت الأسرة بعيدة عن ظروف العمل المدرسي كان انتظارها “عنيفا”، بحيث أنها لا تفهم حيثيات تجاوز الامتحانات، وذلك بسبب الغياب الكامل للحوار بين المتعلم وأسرته حول أهمية التعليم وأهمية النجاح، بل الأهم هو ”مسؤولية النجاح ومسؤولية الفشل”.

 إن غياب مناقشة مسؤولية النجاح والفشل ينتج درجات مرتفعة من التوتر عند المتعلم لأنه مطالب بالنجاح في أي ظروف وتحت أي تأثير. من الأفضل أن يحس المتعلم بأن أسرته تتحمل معه المسؤولية ومتفهمة لحدود هذه المسؤولية، وإلا فقد يدفعه هذا إلى الإحساس بوحدة موحشة أمام الامتحانات. كما أن غياب التواصل هذا يضاعف من الضغط النفسي، فيؤثر سلبا على الكفايات التعليمية مما يؤدي إلى الفشل الدراسي.

 تعتقد العديد من الأسر أنه لا يجب فتح موضوع المسؤولية مع المتعلم، لأن هذا قد يجعله يلقي بالمسؤولية على غيره، وهو بذلك لن يستعد للامتحانات بالشكل الكافي، وقد يكون هذا واردا عند فئة محدودة من المتعلمين لأسباب نفسية / شخصية، ولكن السواد الأعظم منهم واعون بتحديد المسؤولية، لأن السؤال المطروح يبقى حين نتكلم عن المسؤولية، ماذا نقصد بها في حوارنا مع المتعلم/الابن؟

 إذ تتجلى بالدرجة الأولى في الجهد والمجهود الذي يقوم به من أجل النجاح، أما النجاح كعملية ليست من مسؤوليته إذا عمل واستعد بما فيه الكفاية.

وعليه فإن للحوار دور كبير في التقليص من حدة التوتر، بمعنى أن التوتر وحِدّة الانفعالات تتقلص كيفا وكما عند المتعلم/الابن، لأننا نواجهه على مستوى مجهوده وقدراته الفعلية والعملية، ونضعه أمام الأسباب الداخلية للنجاح أي الجهد والاجتهاد.

 وبهذه العملية نزيل التأثيرات السلبية للتوتر الذي يقلص من قدرة الذكاء. وعلى الأسرة ان تتعامل مع الابن انطلاقا من مفهوم ”أعد واستعد”، ومن مفهوم المعلوم حتى تفرز عنده الثقة بالنفس، لكي لا ينحرف ذلك التلميذ المكافح بسبب اتهام أسرته له بالفشل، الشيء الذي يؤدى به إلى الإحباط لدرجة الانزواء ومن ثم الانحراف.

السر في المراجعة

على الاسرة وخاصة الوالدين ان يؤمنوا بان النجاح ليس بالذكاء وحده، والقدرة علي الحفظ لا تؤتي ثمارها بغير التنظيم. فالنظام هو أساس حياة المتعلم . ولتحقيق أفضل النتائج لابد من تضافر عدة نقاط إلي جانب المجهود الشخصي، وهذا يتطلب فنا ومهارة في الإعداد والاستعداد لاستقبال الامتحانات براحة نفس وهدوء وطمأنينة قلب؛ وهذا لن يتحقق إلا من خلال مهارة المراجعة وهي التي يقصد بها المراجعة المنظمة والدورية بعد تثبيت المعلومات . والمراجعة تعتبر أساس الاستعداد للامتحان كما أنها تطمئن المتعلم وتخفض قلق الامتحان.

على الوالدين أن يرشدا ابنهما الى أفضل طرق المراجعة وهي  ضرورة وضع خطة منظمة لمراجعة جميع مواد الامتحان  مع مراعاة الفترة الزمنية التي تتطلبها مراجعة كل مادة، و الاستعانة باختبارات سابقة لقياس مستوى الاستعداد.

وصفة أسرية

 مع اقتراب موعد الامتحانات يتحول البيت إلى حالة طوارئ، حيث يغلق جهاز التلفاز وتمنع الزيارات وتنخفض الأصوات، ويمنع الأطفال الصغار من الاقتراب من أخيهم الذي يدرس، وما إلى هنالك من سلوكيات تشيع الرهبة في نفس المتعلم . و تبدو علامات القلق على وجه الأم في انتظار النتائج النهائية للامتحانات مع الحث المستمر على الدراسة للحصول نتائج مرتفعة وكأن الوالدين هما اللذان سيؤديان الامتحان… ومن هنا تتجلى أهمية خفض مستوى القلق والتوتر عند الوالدين لأنها تنعكس على راحة المتعلم النفسية والانفعالية قبل وأثناء تأدية الامتحان، ويمكن أن يساهم الوالدين في ذلك من خلال مجموعة من التوجيهات أهمها:

 – عدم المبالغة في التوقعات والنتائج المطلوبة من المتعلم، واحترام قدراته كما هي.

– توفير جو عائلي يسوده الحنان والمودة والاستقرار، والتنشئة الاجتماعية التي تبني الثقة بين أفراد الأسرة وعدم القسوة أو الحماية الزائدة.

 – تفريغ المتعلم للدراسة وعدم إشغاله بواجبات بيتية وعائلية.

– متابعة الامتحانات التي يؤديها المتعلم عن طريق الأسرة أولاً بأول ومناقشتها معه لتحقيق رضاه عن النتيجة .

– تقوية عزيمة المتعلم وثقته بنفسه، وتشجيعه عند الحصول على نتائج طيبة، ورفع معنوياته عند الحصول على نتائج متدنية.

 – عدم مقارنة المتعلم بزميل أو أخ له متفوق، لكي لا يحبطه ذلك أو يعيق تقدمه.

 – تعويده على مكافأة نفسه عندما ينجز بعض الأعمال الدراسية.

– قبل الذهاب الى مركز الامتحان التأكد من ان الابن/البنت قد اصطحب معه جميع الادوات المدرسية اللازمة مع عدم احضار الوسائل والوثائق و المراجع المحظورة، والابتعاد عن الغش بكل انواعه.

– ارشاد المتعلم/الابن الى طرق التعامل مع الاختبارات ومع زملائه قبل وخلال وبعد الاختبارات مع اجتناب كل ما من شانه ان يودي الى التوتر والقلق وفقدان الاعصاب

-…….

 مناخ صحي مناسب

 ان هؤلاء المتعلمين بحاجة لكثير من الرعاية الصحية سواء من أولياء الأمور في المنزل أو المشرفين على الامتحانات لتهيئة المناخ الصحي لهم من اجل اجتياز هذه الفترة بخير وصحة ونجاح .

 وتؤكد الأبحاث العلمية أن هناك علاقة أكيدة بين عمليات النسيان والتذكر والاستيعاب والاستذكار والتغذية الصحية المتوازنة، ومن هنا يتجلى تأثير التغذية على الحيوية والنشاط والقدرة على الإدراك والفهم والتركيز والانتباه وأداء العمليات الفسيولوجية والبيولوجية .

 وعليه يجب أن تحتوي الوجبات الغذائية اليومية في هذه الفترة على أغذية متوازنة للنمو وتجديد الخلايا. وتعتبر أغذية الطاقة افضل من الأغذية الأخرى لأنها تضمن تغذية المخ لضمان سير العمليات العقلية بها. واهم هذه الأغذية من المواد الكربوهيدارتية غير المعقدة والسكرية والفيتامينات الطبيعية كالتي في الخضروات والنباتات والفواكه الطازجة.

يجب ان تحتوي هذه الأغذية على كميات كبيرة من الحديد الذي له أثر مهم في سير العمليات العقلية كالتذكر والإدراك والتركيز وخاصة للإناث وكذلك لبعض الذين يعانون من فقر الدم نتيجة للعوامل الوراثية . مع الحرص ان تكون الوجبات الغذائية اليومية طازجة وخفيفة وسهلة الهضم ، والابتعاد عن الأغذية السريعة والتي تحتوي على كميات كبيرة من المواد الدهنية والمواد الحافظة والاصباغ والمواد الكيماوية، والابتعاد عن الأغذية المصنعة أو المثلجة والتي تحتوي على سعرات حرارية عالية وقيمة غذائية منخفضة كالتي تحتوي على المواد السكرية والأملاح والاصباغ والجلديات الدهنية والمشروبات الغازية. كما يجب الإكثار من تناول الخضروات والفواكه الطازجة واللحوم البيضاء مثل الأسماك والألبان والاجبان والحبوب والبقول .

وينصح اخصائيو التغذية بعدم الإكثار من تناول القهوة واخذ الأدوية والعقاقير المنشطة أو المهدئة، وعدم تناول الأغذية التي تحتوي على التوابل والفلافل والدهون والأغذية التي تسبب عسر الهضم والإمساك والإسهال أو التي تسبب الإثارة والحساسية أو التي لها تأثير على الجهاز العصبي والعضلي والهضمي .

 وهذا يتطلب من أولياء الأمور- بل هو واجب عليهم – مراقبة الأبناء أثناء فترة المراجعة  والتي يجب أن تكون بمواعيد منتظمة ومحددة وعلى فترات قصيرة، وان تكون في جو صحي مناسب كالإنارة والتهوية والراحة، وان تتخلل فترة المراجعة فترات للراحة الايجابية والابتعاد عن العادات السيئة كمشاهدة أفلام الإثارة والرعب والخوف والسهر طوال الليل؛ مع الحرص على اخذ قسط كبير من الراحة والنوم المبكر والعمل على الاستيقاظ مبكرا لمراجعة ما سبق دراسته وتناول إفطار الصباح والتي تكون أهميتها كأهمية الوقود للسيارة .

وحظ سعيد لجميع  المترشحات و المترشحين

موضوع من اعداد العياش القاسمي، مستشار في التوجيه التربوي بمديرية خنيفرة.