إعادة التوجيه من بين أهم العمليات التربوية التي يتم إنجازها خلال الدخول المدرسي، حيث يفتح باب التعبير عن رغبات تغيير الشعب والمسالك الدراسية أمام التلاميذ في المستويات الثلاث لسلك الثانوي التأهيلي.
وإذا كانت هذه العملية تشكل فرصة لتصحيح المسار الدراسي للتلاميذ، فإنها تؤشر كذلك على اختلالات في بناء الاختيارات والقرارات التي يتم اتخاذها في مجالس التوجيه، اختلالات تطرح عدة تساؤلات عن كفاية وجودة الأنشطة والتدخلات والخدمات المقدمة للتلاميذ في مجال الإعلام والمساعدة على التوجيه بالمؤسسات التعليمية، وكذا عن مدى اهتمام التلاميذ بالاختيارات التي يقدمون عليها، ومدى تعبئة مختلف المتدخلين التربويين من أجل ترسيخ ثقافة التوجيه والانخراط الجماعي في مساعدة التلاميذ على بناء مشاريعهم الشخصية.
ولكي لا تكون فرصة إعادة التوجيه مدخلا لتكرار نفس الاختلالات وبالتالي تعقيد المسار الدراسي للتلميذ عوض تصحيحه، فقد أحاطتها المذكرات والمساطر المنظمة لهذه العملية بعدة احتياطات واعتبارات ينبغي الوقوف عند مقاصدها لفهم أسباب اعتمادها، وفي هذا الإطار يمكن توضيح ما يلي:
1. – ضرورة التمييز بين إعادة التوجيه العادية وإعادة التوجيه الاستثنائية:
– عملية إعادة التوجيه العادية: تتم في دورتين عادية واستدراكية ويتم خلالها التغيير بين الشعب التي تنبثق من نفس الجذع المشترك والمسالك التي تنبثق من نفس الشعب،
– عملية إعادة التوجيه الاستثنائية: تم اعتمادها في السنوات الثلاث الأخيرة بناء على رصد متكرر لحالات التلاميذ المتعثرين الذي يواجهون أفقا مسدودا في مسارهم الدراسي، ويتم فيها التغيير بين الشعب والمسالك المتباينة.
2. – إن إعادة التوجيه ينبغي أن تتم بعد فترة زمنية يعيش فيها التلميذ تجربة في الشعبة الأصلية، وذلك للتأكد من عدم وجود عوامل مشوشة في اتخاذ قرار إعادة التوجيه من قبيل التردد والخوف ، أو تمثلات غير صحيحة عن الشعبة انطلاقا من إشاعات أو تجارب خاصة لتلاميذ آخرين…، ومن الطبيعي أن هذه الفترة ينبغي أن تكون أطول في الحالات الاستثنائية، لذا نجد المذكرات المنظمة قد حددت أواخر شتنبر لإنجاز إعادة التوجيه العادية مع فتح دورة استدراكية أواخر أكتوبر، في حين أرجأت البث في الطلبات الاستثنائية إلى أواخر أكتوبر أو بداية نونبر.
– 3. إن عملية إعادة التوجيه تتطلب إجراء مقابلات مع التلاميذ المعنيين من أجل فهم دواعي إقدام التلاميذ على تغيير اختياراتهم السابقة ومساعدتهم في بناء اختياراتهم الجديدة.
– 4. إن إعادة التوجيه تتطلب من التلميذ معرفة حقيقية بالاختيار المطلوب ومدى ملاءمته لمؤهلات وقدرات التلميذ المعني، و لا ينبغي أن يعتبرها فرصة للتخلص من اختيار سابق دون اكتراث لما سيأتي بعده.
5. – تتم المداولات بشأن طلبات إعادة التوجيه في لجن خاص بهذه العملية، والتي تتشكل بالإضافة إلى الأطر الإدارية والمستشار في التوجيه من أساتذة المواد المؤهلة للشعبة أو المسلك الدراسي المطلوب، وهو ما يتطلب من المشاركين في هذه اللجن دراسة قبلية للنتائج الدراسية للتلاميذ من أجل المساهمة في هذه المداولات لاتخاذ القرارات الصائبة بشأن طلبات التلاميذ.
إن عدم الأخذ بهذه الاعتبارات وغيرها، يجعل من عملية إعادة التوجيه عملية تقنية محضة تختزل في إجراءات إدارية شكلية، في حين أنها تتجاوز ذلك إلى كونها عملية تربوية تتطلب إعدادا جيدا واستيعابا لأهميتها وانعكاساتها على المسار الدراسي للتلميذ، ، لكي تحقق مقاصدها في تصحيح المسار الدراسي للتلميذ ومساعدته على النجاح الدراسي وتيسير اندماجه في محيطه السوسيواقتصادي.
محمد الدريسي
مفتش التوجيه التربوي