في ظل التحولات الاجتماعية والتربوية والإقتصادية، أضحت المؤسسة التعليمية أكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى تطوير الأساليب التربية لمواكبة هذه التحولات، وذلك بتنوع وسائل معرفة مختلف الوضعيات المدرسية والتربوية والنفسية التي يعيشها التلاميذ وتؤثر في مساراتهم الدراسية، واضطلاع جميع الفرقاء التربويين، وخصوصا منهم أطر التوجيه التربوي، بنظريات علمية حديثة في مجال علم النفس التربوي ومناهج وطرق بيداغوجية ناجعة لاستقصاء واقع التلاميذ داخل وخارج الفضاء المدرسي، من أجل تطويق أو محاولة الحد من أثر المشاكل التي تعترضهم أو مساعدتهم على تجاوزالصعوبات التي تكبح جماحهم، وتقض مضاجعهم، وتثني عزائمهم، وتصدهم عن الإنتاج المدرسي وتحقيق الأهداف التي يرغبون فيها.
من أجل تحقيق هذه الأهداف التربوية التي ترومها المنظومة التربوية عموما، ومنظومة التوجيه التربوي خصوصا، يمكن الاعتماد على طرق استقصائية متعددة ومتنوعة حسب الحالات والأوضاع، هذه الطرق تحاول، عموما، تحديد احتياجات التلاميذ في المجال التربوي والنفسي، وتساعدهم على فهم ذواتهم ومحيطهم ووضعياتهم، كما تساعدهم على التغلب على المعيقات التي تقف أمامهم.
وعلى الرغم من تعدد هذه الطرق، تتفق في أساس واحد هو أنها تحاول معرفة النقص عند الأفراد بين وضع حالي ووضع مرغوب الوصول إليه. وعند تحديد احتياجات التلميذ في مجال التوجيه التربوي يمكن استخدام طريقة أو أكثر من الطرق الآتية: الاختبارات والمقاييس، الملاحظة، المقابلة، دراسة الحالة…. ومن المؤكد أنه لا يمكن الاكتفاء بطريقة واحدة دون أخرى، ذلك أنها تكمل بعضها البعض، وأن استعمالها مجتمعة يطوق الإشكالات المطروحة إلى حد بعيد. إلا أننا وفي مجريات موضوعنا الراهن، سوف نركز اهتمامنا على المقابلة الفردية، لما تكتسيه من أهمية بالغة في إطار المقاربة التوجيهية التي تقحم جميع الفرقاء التربويين داخل المدرسة وخارجها في العمليات التربوية والتوجيهية في مجال التوجيه التربوي ببلادنا، والتي حدد معالمها الميثاق الوطني للتربية والتكوين حيث صرح أن” التوجيه التربوي جزء لا يتجزأ من سيرورة التربية والتكوين بوصفه وظيفة للمواكبة وتيسير النضج والميول وملكات المتعلمين واختياراتهم التربوية والمهنية”( البند 99)، كما حدد مرامي المدرسة الإعدادية في ” إنضاج الوعي بالملكات الذاتية والتهييء لاختيار التوجيه، وتصور تكييف المشاريع الشخصية سواء قصد الاستثمار في الدراسة أو الالتحاق بالحياة المهنية”( البند 68).
وتتحدد المقابلة، من حيث عدد التلاميذ الذين يستقبلهم المستشار في التوجيه، ويعرضون عليه وضعيتهم التربوية والمدرسية والاجتماعية ويناقشهم مشاكلهم، في قسمين:
· المقابلة الفردية: تجري هذه المقابلة بين تلميذ واحد والمستشار في التوجيه التربوي، وتتناول مشكلة خاصة بهذا التلميذ، وذلك بمكان معد لهذا الغرض، تتوفر فيه الشروط المطلوبة. والمقابلة الفردية تستهدف الاستثمار الأفضل لطاقات الإنسان وإمكاناته وتوظيف التصورات المستمدة من النظريات النفسية والتربوية في التعامل مع المواقف الإيجابية والسلبية للتلاميذ.
· المقابلة الجماعية: تجري هذه المقابلة بين مجموعة من التلاميذ والمستشار في التوجيه التربوي، وتتناول مشكلة مشتركة بين هؤلاء التلاميذ، وذلك بمكان معد لهذا الغرض، تتوفر فيه الشروط المطلوبة.
وانطلاقا من الواقع التربوي المعيش، واعتبارا لخصوصيات التلاميذ، ورغبة منهم في السرية والتفرد بالتعبيرعن مشاكلهم الخاصة في جو حميمي، فإن المقابلة الفردية تبقى الأفضل ممارسة مع تلاميذتنا ضمن ثقافتنا السائدة، ومنظومتنا التربوية.
فما هي المقابلة الفردية؟ وما هي دواعي الحاجة إليها؟ وما هي الأهداف المرجوة منها؟ وماهي أنواعها؟ وما هي خصائصها ومقوماتها؟ وما هي خطواتها الإجرائية؟
اقتناعا منا بأهمية التساؤلات المطروحة وما يمكن طرحه كثير في هذا المجال، سنحاول الإحاطة بمختلف جوانب ومكونات الموضوع وذلك في حدود المستطاع .
1. محاولة تعريف:[/color]
تعتبر المقابلة الفردية مهمة تربوية، أنيطت بها، على الأخص، أطر التوجيه التربوي، نظرا لطبيعة تكوينها وطبيعة المهام والأنشطة الموكولة إليها ضمن المنظومة التربوية. والقابلة تتجلى في إجراء حوار تربوي مباشرمع التلميذ الراغب في ذلك والمقتنع أو الذي تم إقناعه، بحيث يسمح له هذا الحوار بالتعبير بكل حرية وواقعية عن انشغالاته واحتياجاته ومناقشة المشكلات التي تعترضه وتدراسها، واقتراح الحلول المناسبة لها، وذلك بمساعدة المستشار في التوجيه التربوي.
من هذا المنطلق، فالمقابلة الفردية علاقة تفاعلية يتبادل خلالها التلميذ والمستشار في التوجيه التربوي معلومات ومشاعر في جو تسوده الثقة التامة والصدق والموضوعية، ويتسم بالسرية وحفظ الأمانة والحفاظ على المعلومات، فلا تستعمل إلا لأغراض المساعدة التربوية ومصلحة التلميذ.
2. الحاجة إلى المقابلة الفردية:[/color]
من المعلوم أن كل تلميذ حالة خاصة، وأن لكل تلميذ خصائص ومميزات وقدرات واستعدادات ومؤهلات ترتبط بشخصه نفسيا واجتماعيا وثقافيا. من هنا، فكل تلميذ تعترضه مشاكل خاصة ترتبط به كفرد داخل مجتمع محيط به: فللتلاميذ الأقوياء مدرسيا مشاكل، وللتلاميذ الضعاف مدرسيا مشاكل، وللتلاميذ ذوي الحاجات الخاصة مشاكل، وللتلاميذ الأسوياء مشاكل…. إذن فكل تلميذ في حاجة إلى مساعدة تربوية، إلا أن الإقدام على طلب هذه المساعدة يختلف من فرد إلى آخر. كما أنه، وفي إطار منظومتنا التربوية، يتجه الاهتمام إلى التلاميذ ذوي الصعوبات والمشكلات التالية:
· العنف والانحراف؛
· تناول المخدرات؛
· التأخر المدرسي أو التخلف الدراسي؛
· التغيب والانقطاع عن الدراسة؛
وقضايا أخرى تختلف باختلاف الأفراد والأوساط الأسرية والاجتماعية.
3. أهداف المقابلة الفردية:[/color]
في إطار تطبيق المناهج الإنمائية والوقائية والعلاجية فإن كل عملية تربوية تنطلق من تصور وتروم تحقيق أهداف، مرورا بخطوات وإنجاز واستحضار أدوات تقييمية.
أما أهداف المقابلة الفردية فيمكن تحديدها، بشكل عام وحسب الحالات المطروحة أعلاه، في ما يلي:
· أن يكون التلميذ متوافقا في مدرسته وأسرته ومجتمعه، ومحققا التوافق والصحة النفسية؛
· مساعدة التلميذ على تجاوز الصعوبات التربوية والنفسية والاجتماعية التي تعترضه ومحاولة دمجه في وسطه التربوي؛
· مساعدة التلميذ على اختيار نوع الدراسة أو التكوين الذي يناسب ميولاته الشخصية وقدراته ومؤهلاته المعرفية؛
· اقتراح بيداغوجية علاجية لفائدة التلاميذ المتأخرين دراسيا؛
· إعادة إدماج التلاميذ المفصولين أوالمنقطعين عن الدراسة؛
· عرض الحالات المستعصية من التلاميذ ذوي الصعوبات، باتفاق مع أولياء أمرهم، على أخصائيين نفسانيين بمستشفيات متخصصة؛
· عرض حالات التلاميذ ذوي المشاكل الناتجة عن الحاجة على فاعلين جمعويين وهيئات متكفلة؛
4. أنواع المقابلات الفردية:[/color]
تختلف المقابلات الفردية باختلاف الأفراد والمواضيع وطرق تبادل المعلومات والظرفية الزمنية والأهداف المسطرة. وهكذا يمكن أن نكتفي بتقديم الأنواع التالية، ولكل مستشار في التوجيه أن يمارس نوع المقابلة الفردية الذي يراه مناسبا حسب الحالات المطروحة:
· المقابلة الفردية المبدئية:
تعتبرالمقابلة الفردية المبدئية لقاء تمهيديا تحضيريا للمقابلة الفردية المعمقة أوالمطولة، ويتم فيها التعارف وتبادل المعلومات الأساسية المحددة للتلميذ مدرسيا واجتماعيا مع طرحه بشكل مقتضب حالته التربوية وكذا تاريخها وأعراضها. ينصرف التلميذ بعد أن يشعره المسشتار في التوجيه بالثقة ويحفزه ويشجعه للانخراط في مجريات المناقشة ويحثه على العودة في الموعد المحدد.
وقبل استقبال التلميذ، يقوم المستشار في التوجيه التربوي بالبحث عن معلومات إضافية يوظفها خلال المقابلة المعمقة المحددة آجالها، وذلك بالاتصال بالمدرسين والحارس العام للاطلاع على النتائج المدرسية والمواظبة والسلوك وأسباب التغيب، إذا كان التلميذ يتغيب، وعلاقته بزملائه في القسم… فيكون المستشار في التوجيه قد أعد ملفا متكاملا إلى حد ما، يساعده على التعرف أكثر على التلميذ، حتى يتمكن من مساعدته على اقتراح الحلول المناسبة لحالته؛
وتتجلى المعلومات التي يسعى المستشار في التوجيه التربوي إلى جمعها حول التلميذ في العناصر التالية:
– المشكلة الحالية : أي المشكلة التي يستشعرها الفرد والتي هي سبب لجوئه إلى المستشار في التوجيه التربوي؛
– بيئة التلميذ :تشمل البيئة الجغرافية ومستوى الأسرة الإقتصادي والعادات والتقاليد والخلفية الاجتماعية .
– الأســـــــرة :عمر الوالدين , ظروفهما الصحية , تعليمهما, الخلفية الاجتماعية والاقتصادية ,الخ…؛
– المجال التعليمي :سنه وقت التحاقه بالمدرسة, المواد الدراسية المفضلة لديه , المواد المدرسية التي لا يقبل عليها، مستويات التحصيل، نتائجه الدراسية…؛
– الوضع الراهــن : المظهر الجسمي، حالة الملبس، طريقة الكلام، الحالة المزاجية، السلوك، علاقته مع زملائه، علاقته مع مدرسيه والطاقم الإداري….
· المقابلة الفردية القصيرة:
قد تتخذ المقابلة القصيرة شكل المقابلة المبدئية التحضيرية لمقابلات أخرى، أكثر تعمقا، من حيث تبادل المعلومات ودراسة الحالة. وقد تكون المقابلة القصيرة عملا تربويا يستغرق زمنا قصيرا، فعلا، كون المشكلة التي سبق طرحها على المستشار في التوجيه التربوي، حسب تقديره، عارضة وغير معقدة ويمكن للتلميذ تجاوزها بسهولة بناء على بعض المساعدات الطفيفة. إلا أن كل المقابلات الفردية يجب أن تنال من الزمان والاهتمام والتفاعل ما تستحقه حتى لا تعود بالضرر على التلميذ، فيشعر بالإهمال واللامبالاة وتزداد وضعيته تعقيدا ويندم على ما أقدم عليه.
· المقابلة الفردية الحرة:
استتباعا للقاء الوجيز السابق، يحضر التلميذ وغالبا ما يكون قد استجمع أفكاره ومعلوماته واستعد نفسيا للنقاش والحوار وطرح الأسئلة والبحث عن الحلول المناسبة. وفي جو من الثقة المتبادلة والشعور بالاطمئنان والراحة النفسية ينخرط التلميذ تلقائيا، تتداعى أفكاره تداعيا حرا، يعرضها بكل حرية وبطريقته الخاصة والمستشارفي التوجيه التربوي ينصت باهتمام لا يعطي تعليمات ولا يطرح أسئلة يساعد التلميذ على الاسترسال في الحديث بإشارات وحركات وابتسامات أحيانا وقسمات الوجه أحيانا أخرى، إلى أن يعبر التلميذ عن وجهة نظره ويتوقف.
إن المقابلة الفردية الحرة، أو كما تسمى كذلك المقابلة غير المبنية أوالمطلقة أو غير المباشرة، ترتكز على التلميذ ولا تركز على مشكلة بعينها، ولا يتم تحديد خطواتها، يعبر التلميذ عن وضعيته بكل حرية ، والمستشار في التوجيه ينصت باهتمام ويتفاعل مع التلميذ، ويسهر على تهييء الجو النفسي المناسب ويساعد التلميذ على فهم أعمق لمشكلته، ويشعر التلميذ أن المشكلة تقع على كاهله وهو مسؤول عن وجود الحلول المناسبة وتبنيها.
في هذا النوع من المقابلات، يحدد التلميذ المضوع، وهو حر في ما يناقشه وبالأسلوب الذي يراه، كما أنه حر في وضع حد للمقابلة متى يشاء.
· المقابلة الفردية المقننة:
يعود التلميذ، بعد المقابلة الفردية المبدئية، في الموعد المحدد وقد استعد بما فيه الكفاية، غالبا ما يكون عازما ومقتنعا للخوض في حالته التي عرضها باقتضاب خلال مقابلته المستشار في التوجيه التربوي سابقا. كما يكون المستشار في التوجيه التربوي قد أعد عدة المقابلة، حيث ربما يكون قد تبين له، في هذه الحالة، أهمية طرح أسئلة محددة على التلميذ في موضوعات محددة سلفا، للحصول على أجوبة دقيقة، حيث إن التلميذ يجيب ويدلي بالمعلومات المطلوبة فقط دون الخوض في جوانب أخرى.
إن المقابلة الفردية المقننة، أو كما تسمى كذلك، المقابلة المبنية أو المغلقة أو المباشرة ترتكز على المستشار في التوجيه وتركز على مشكلة بعينها، يسيجها المستشار في التوجيه التربوي بمجموعة من الأسئلة يجيب عليها التلميذ وفق خطوات محددة ومقننة، والمستشار في التوجيه ينصت باهتمام ويسأل ويوجه الحوار ويتفاعل مع التلميذ من بداية تعبيره عن مشكلته إلى تفسيرها وإشراكه في اقتراح الحلول المناسبة.
وقبل ختم هذه الفقرة، تجدر الإشارة، في اعتقادنا، إلى أن هذه الأنواع من المقابلات الفردية المقدمة أعلاه، تحيط بجميع قضايا التوجيه التربوي ويمكن اعتمادها حسب المواضيع المطروحة، وذلك على سبيل المثال لا الحصر: جمع المعلومات، التوجيه، المساعدة، الانتقاء، النتائج المدرسية، الدراسة، علاقة التلميذ بالمدرس، الوضعية الأسرية….
5- خصائص المقابلة الفردية:[/color]
تتسم المقابلة الفردية بالخصائص التالية:
– المقابلة الفردية علاقة تشاركية وتفاعلية بين التلميذ والمستشار في التوجيه التربوي، تسمح للتلميذ بأن يعبر بحرية عن نفسه وأن يكشف عن ذاته دون حواجز أو دفاعات. هذه العلاقة هي علاقة تقديم المساعدة وعلاقة مهنية تقوم على تفاعل بين التلميذ والمستشار في التوجيه التربوي، حيث يتم تبادل رسائل متنوعة من خلال التواصل اللفظي بواسطة الكلام والإنصات والتواصل غير اللفظي بواسطة الإيماءات والنظرات والحركات الجسمية باليدين أو الرأس؛
– يهتم المستشار في التوجيه التربوي بالتأثير في التغيير الإرادي لسلوك التلميذ، دون إكراه أو مس بكرامة وشخص التلميذ وذلك في إطار من الثقة والاحترام المتبادلين؛
– الغرض من المقابلة هو تهيئة الظروف التي تيسر من التغير الإرادي للتلميذ، وجعله ينخرط تلقائيا وعن طواعية في مناقشة مشكلته ومساعدته على فهما واقتراح الحلول المناسبة لها؛
– تنظم العلاقة بين المستشار في التوجيه التربوي والتلميذ على أساس حدود معينة، تنحصر في إشراك التلميذ في البحث عن الحلول المناسبة للمشكلة التي يعيشها، وذلك في إطار السرية والحفاظ على الأمانة وتحمل المسؤولية والثقة والاحترام.
– توافر الظروف أو الشروط التي تيسر التغير السلوكي من خلال المقابلة الفردية، وذلك بجعل التلميذ واعيا بمشكلته ، يأخذها بمحمل الجد، مقتنعا بمحتويات المناقشة، ومساهما في اتخاذ القرارات المناسبة؛
– الإنصـات ركن أساسي من أركان المقابلة، وذلك باستدخال واستيعاب المستشار في التوجيه التربوي كل كلمة وكل قول من أجل الإحاطة بجميع جوانب المشكلة وإدراك مكوناتها وجزئياتها وفهم عمقها، ولا يتدخل إلا بقدر محدود، وعند الضرورة لمساعدة التلميذ على التعبير والاسترسال.
– تتم المقابلة الفردية في إطار من الخصوصية، حيث إن كل تلميذ حالة خاصة ترتبط به شخصيا، وتناقش في إطار تام من السرية والثقة والمسؤولية؛
– إنهاء المقابلة الفردية :يجب أن تكون نهاية المقابلة مثل بدايتها ويستحسن إنهاؤها بنوع من التدرج والتهدئة ومراعاة عدم قطع الحديث..
6- مقومات المقابلة الفردية:[/color]
من مقومات المقابلة الفردية ما يلي:
– الفهم الوجداني :ويعني فهم الإطار المرجعي الداخلي للتلميذ، وهذا المستوى من الفهم لا يتكون من حساسية المستشار في التوجيه تجاه التلميذ، ولكنه يتضمن قدرة المستشار في التوجيه على توصيل هذا الفهم للتلميذ. والفهم عنصر أساسي يحدد سلوك المستشار في التوجيه نحو التلميذ ويعني أن المستشار في التوجيه يدرك بشكل واضح ومكتمل عقليا وانفعاليا ما يحاول التلميذ أن ينقله ويعبر عنه ويقوم به .
– بناء الوئام مع التلميذ : حيث الوئام يشير الى الفهم والاحترام المتبادلين والاهتمامات المشتركة بين الأفراد …. ويتولد الوئام من خلال المحادثة واللباقة وحسن المعاملة. ..
– الاعتبار الإيجابي غير المشروط :يطلق عليه أيضا، الدفء غير التملكي ، فالمستشار في التوجيه يخبر ويوصل تقبله واحترامه للتلميذ واهتمامه وتقديره له.. كما يعني أن المستشار في التوجيه التربوي يسعى بصدق لمساعدة التلاميذ ذوي المشاكل لتجاوز هذه الوضعية، وينهض الدفء التملكي على الأســس التالية :
* لكل تلميذ كرامة ويجب تقديره واحترامه كإنسان؛
* كل تلميذ له إمكانات تؤهله إلى أن يختار بحكمة ويعيش بحرية.
* كل تلميذ مسؤول عن حياته الخاصة.
– الصدق :ويعني أن يكون المستشار في التوجيه التربوي متطابقا ومتكاملا داخل مجريات المقابلة مع التلميذ حيث يكون طبيعيا غير متصنع وغير متكلف..
– الثقة المتبادلة: تعد الثقة أحد المقومات الأساسية لإجراء مقابلة فردية كونها تجعل التلميذ يشعر بالأمان على أسراره، ويسترسل في التعبير عن مشكلته بكل حرية وطمأنينة.
– المسؤولية المشتركة:
§ على كل طرف مسؤولية محددة، يجب أن يعيها ويتحملها؛
§ طرح الأسئلة على التلميذ بمرونة؛
– المظهر الخارجي للمستشار في التوجيه وأسلوبه ولباقته؛
– عدم إبداء الدهشة عند سماع المستشار في التوجيه التربوي آراء التلاميذ.
– تجنب المستشار في التوجيه التربوي الأسئلة التي تحتوي ( نعم ) أو (لا ) والأسئلة الإيحائية
– عدم إبداء آرائه إيجابا أو سلبا؛
– مساعدة التلميذ على التعبير ومساعدته على الاسترسال ومواصلة الحوار؛
– أن يتكيف المستشار في التوجيه التربوي مع الفردية الفريدة لكل حالة وأن يتأقلم معها..
7- المؤهلات المطلوب توفرها في المستشار في التوجيه التربوي لإجراء مقابلة فردية:[/color]
– أن يكون المستشار في التوجيه التربوي مطبوعا على إجراء المقابلة ومحبا لهذا العمل؛
– أن يكون فد استفاد من تكوين أكاديمي ومهني ويتوفر على رصيد معرفي وتربوي يؤهله لإجراء المقابلة؛
– أن يتمتع بمعرفة مكثفة بمجال أو أكثر من مجالات المعرفة؛
– أن تكون لديه حساسية لإدراك المشكلات ومعرفة ما يحدث أثناء المقابلة من سلوكات وانفعالات لدى التلميذ من خلال تعبيره اللفظي والحركي وغيره ؛
– أن يكون متواصلا يجيد التعبير والتفاهم والتفهم وييسير الحوار ويوقظ مشاعر التلميذ وحاجاته حتى تحقق المقابلة أغراضها.
– أن يتمتع بالقدرة على استقطاب التلاميذ وذلك بالتمتع بالأخلاق الطيبة والسلوك الحسن …؛
– أن يجيد مهارات الملاحظة والتعامل مع الاختبارات والاستبيانات والمقابلات الشخصية.
8- خطوات إجراء المقابلة الفردية :[/color]
-الخطوة الأولى:
*بناء العلاقة وتكوين الألفة: وهي علاقة تفاعلية تعاونية تشاركية محورها التلميذ، ويتشارك فيها المستشار في التوجيه والتلميذ في تحديد الأهداف المنشودة، في جو يسوده الاحترام والتفاهم والثقة المتبادلة. وتعتبر الخطوة الأولى أساس نجاح المقابلة الفردية.
وتستهل المقابلة الفردية بالترحيب والاهتمام والانشراح، وتبادل التحية، وتناول مواضيع ذات طابع شمولي، الغاية منها حفز التلميذ وتشجيعه وجعله ينخرط في سرد حالته والتعبير عنها وعرضها بأسلوب سلس، وتقبل الأسئلة، إن اقتضى الحال، والإجابة عنها بموضوعية، وتقبل كذالك إعادة صياغة بعض المقاطع أو الجمل للاسترسال في الحديث والحكي والتعبير عن كل ما يخص وضعه الشخصي.
– الخطوة الثانية:
*التشخيص والفحـص: وهنا يستخدم المستشار في التوجيه أساليب وأدوات لاستكشاف مواقف التلميذ ووضعياته في إطار الإشكالية المدروسة اعتمادا على المعلومات المتجمعة والمتوفرة لديه. والوسائل المعتمدة حاليا والأكثر استعمالا: الإصغاء والملاحظة والسؤال.
فالإصغاء أهم عوامل إنجاح المقابلة الفردية، حيث يجب أن يصغي المستشار في التوجيه التربوي إلى التلميذ وهو يعرض حالته، بحس مرهف وعقل واع واهتمام كبير، حتى يشعر التلميذ بالاهتمام ويتفاعل أكثر وينخرط بفعالية في مجريات المقابلة الفردية.
أما الملاحظة فتتجلى في رصد حركات التلميذ وملامح وجهه وكلامه وسلوكه، حيث إن الملاحظة المركزة تساعد المستشار في التوجيه على فهم أكثر عمقا لواقع التلميذ وهو يعبر عن مشكلته، كما تمكنه من الإمساك بخيوط مضامين المقابلة ومساعدة التلميذ على التعبير وتجاوز محتلف الحالات التي تنتابه وهو يعرض حالته.
والسؤال أو الأسئلة، تتطلب مهارة خاصة، حيث يجب أن يصوغ المستشار في التوجيه التربوي السؤال المناسب بمفردات مناسبة ومفهومة وفي الظرف المناسب، حتى يجيب التلميذ عنها بصدق وأمانة، وتسير المقابلة نحو الأهداف المسطرة لها.
– الخطوة الثالثة:
*المناقشة والتفسير: ويركز المستشار في التوجيه في تفسيراته للحالة المدروسة على الأهداف التي تم رسمها وحددت سلفا. ويمكن القيام بهذه العملية بحضور التلميذ ومشاركته، أو بعد انصرافه.
فإذا انخرط التلميذ في هذه المناقشة فإنها تعتبر تحليلا لمضامين المقابلة يجب أن يرد على لسانه ويتسم بالموضوعية للتمكن من اقتراح الحلول المناسبة للمشكلة المعروضة.
وإذا قام بهذه العملية، المستشار في التوجيه التربوي، فإنه من الواجب الالتزام بالحياد والموضوعية وملامسة واقع تعبيرات التلميذ، مع الرجوع إن اقتضى الحال، إلى الوثائق الإدارية والتربوية للتلميذ، حتى يتوصل إلى خلاصات تترجم واقع التلميذ.
– الخطوة الرابعة:
*الختم أو الإنهاء: تكتسي هذه الخطوة أهمية قصوى، إذ يجب أن تتسم المقابلة في شوطها الأخير بالتدرج وليس بشكل مفاجئ، حتى لا يشعر التلميذ بخيبة أمل أو ندم أو إحباء وحتى ينصرف وهو مقتنع ويشعر في قرارة ذاته بإمكانية إعادة التوجه وإعادة النظروالتصحيح. كما يشعر أن بإمكانه التخلي عن المفاهيم والأفكار والمعتقدات غير الصحيحة، وبإمكانه تبني الحلول التي توصل إليها، وساهم في بلورتها، واضعا نصب أعينه المسافة الزمنية والوسائل المتوفرة ومؤهلاته الفكرية واستعداداته الشخصية.

بقلم نهاري امبارك