تقديم :

يعتبر مسلكي العلوم الاقتصادية والتدبير المحاسباتي من بين مسالك البكالوريا الاربعة عشر والتي يلجها تلاميذ السنة اولى بكالوريا شعبة العلوم الاقتصادية خلال توجيههم الى السنة الثانية بكالوريا ( وهما المسلكين الوحيدين الذي يمكن الاختيار بينهما ).

هذه الشعبة التي يمكن ان نجد بها تلاميذ كل من الجذوع المشتركة الاربع وذلك بناء على اختيار اولي يعتمد نتائجهم الدراسية( المعدل السنوي في نهاية الجذع المشترك و معدل المواد المؤهلة لشعبة العلوم الاقتصادية والتي تتكون من : الرياضيات- الفرنسية- الاجتماعيات…) .

لكن السؤال المطروح هو : لماذا بدا الاهتمام بهذه الشعبة وبمسالكها من طرف التلاميذ خلال مرحلة الثانوي التأهيلي؟ ولماذا يكثر الطلب كذلك، بعد البكالوريا ،على التكوينات في مجال الاقتصاد او التدبير والمال والاعمال سواء في الكلية او في المدارس والمعاهد العليا من طرف الحاصلين على البكالوريا العلمية ( مسالك : علوم الحياة والارض-العلوم الفيزيائية –العلوم الرياضية ا و ب…)؟

  • هل توفر هذه التكوينات فرص شغل لخرجيها اكثر من التكوينات الاخرى؟
  • هل التدريس بالفرنسية لمختلف مواد هذه المسالك هو السبب؟
  • هل نوعية العمل في المقاولات والشركات هو الحافز؟
  • هل مفهوم الحس المقاولاتي الذي بدا يدخل نظامنا التعليمي هو الدافع؟
  • هل » الهروب « من دراسة العلوم الفيزيائية وعلوم الحياة والارض او اتمام الدراسة بهذه المسالك بالجامعة هو الذي دفع هؤلاء الطلبة لهذا الاختيار؟
  • ام هناك دوافع اخرى هي الحافز والدافع الاساسي لهذا الاختيار؟

كل هذه الاسئلة جعلتنا نبحث عن اجوبة لها اضافة الى ذكر بعض المؤسسات التي تستقطب تلاميذ/طلبة وتكون في مجال الاقتصاد والتدبير وادارة المال والاعمال.

ان تعدد التكوينات في مجال الاقتصاد والتدبير بعد البكالوريا والتي توفر لأصحابها

شواهد تختلف مدد تكوينها من بكالوريا + سنتين الى بكالوريا + 8 سنوات وطلبات سوق الشغل لمثل هذه الكفاءات التي بدأت تزداد لخير دليل على شرح بعض هذه الاختيارات ( لاسيما اذا كان اختيار التكوينات في هذا المجال من قبل طلبة نجحوا في مدارس ومعاهد وكليات الطب والصيدلة …وفضلوا هذه الاخيرة ).

فمن بين المؤسسات التكوينية بعد البكالوريا نجد :

  • شهادة التقني العالي ،
  • الاقسام التحضيرية،
  • المدرسة العليا للتكنولوجيا،
  • المدرسة العليا للتجارة والتسيير،
  • المعهد العالي للتجارة وادارة الاعمال،
  • كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية،
  • الكلية متعددة التخصصات،
  • معاهد التكنولوجية التطبيقية،
  • المعهد العالي للسياحة،
  • المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية…

هذه المؤسسات تكون في مجال الاقتصاد والتدبير والتجارة وادارة المال والاعمال والمقاولات الصغرى والمتوسطة…

فكما نلاحظ هنا، فتنوع هذه المؤسسات ومسالك التكوين التي توفرها ومدد التكوين المختلفة بها تجعل المتتبع لاختيارات التلاميذ/الطلبة لها يبحث عن اجوبة لأسئلة البداية.

وللتأكد من ذلك ، تم توزيع استمارات حول تلاميذ السنة اولى بكالوريا كان موضوع بحثها هو دوافع اختيار شعبة العلوم الاقتصادية والتدبير المحاسباتي كما انه تم اجراء عدة مقابلات مع الطلبة وعن دواعي اختيارهم لهذه التكوينات، فكانت هذه الدوافع كالتالي:

  • توفر فرص الشغل بعد التكوين،
  • انماء الحس المقاولاتي لذى التلاميذ،
  • التأهيل » لمهنة العصر »: بها تواصل والاحتكاك مع المال والاعمال…
  • تساعد على الترقي في العمل والترقي الاجتماعي…
  • مهن تفرض عليك الهندام اللائق والتواصل الجيد…
  • الرفع من عدد المؤسسات العليا التي تكون في هذه المجال ( ارتفع عدد المدارس الوطنية للتجارة والتسيير خلال عشر سنوات من 3 مؤسسات الى 09 مؤسسات…)

من خلال كل ما ذكر، يتبن ان اختيار مسلكي العلوم الاقتصادية والتدبير المحاسباتي والتكوينات في هذا المجال في التكوين العالي ، من قبل التلاميذ/الطلبة ، بدا يزداد وذلك نظرا ربما لكل الدوافع التي سبق ذكرها.

خلاصة:

مكننا هذا البحث البسيط والمقابلات التي تم اجراؤها مع بعض الطلبة ، من ادراك مدى اهمية اختيار هذه المسالك وبعض الدوافع الموضوعية والذاتية التي تجعلهم ينظرون الى مسقبل زاهر بعد التكوين.

وما كثرة طلبات اعادة التوجيه الى شعبة العلوم الاقتصادية والتدبير المحاسباتي كل بداية موسم دراسي وتسجيل طلبة العلوم الفيزيائية وعلوم الحياة والارض بكل هذه المؤسسات اعلاه الا تزكية لنتائج هذا البحث البسيط في وسط تلاميذ السنة اولى علوم اقتصادية وتدبير محاسباتي وبعض الطلبة.

فمفهوم الحس المقاولاتي الذي بدا يدخل شيئا فشيئا في ثقافة التلاميذ والطلبة يجعلهم يفكرون في تكوين يساعدهم على انشاء مقاولاتهم وتسييرها بأنفسهم وما كل المبادرات التي نشاهدها اليوم في مختلف المدارس والمعاهد والكليات الا دليل قاطع على بداية تحويل في الفكر والاتجاه نحو انشاء مقاولات خاصة وعوض البحث عن عمل يصبح صاحب المشروع هو الذي يشغل.

فمن بين مهام التوجيه التربوي هو مساعدة التلاميذ على بناء مشاريعهم الشخصية الدراسية والمهنية، وما تنمية الحس المقاولاتي عند التلاميذ/الطلبة الا وسيلة لجعل الثقة في مشاريعهم المهنية وذلك لضمان نجاحها .

ان نمط المقاول ( في صنافة هولاند) سيجد ضالته في ورشات تنمية الحس المقاولاتي والتي تتماشى بكل تأكيد مع مشروعه المهني المستقبلي.

هذا، دون اغفال الانماط الاخرى التي ستستفيد بدروها من هذا البرنامج، لأنه كيفما كان عمل الانسان فهو دائما يسعى لتحقيق مشرعه الدراسي والمهني ومشروع حياته ( طبعا، مع الاخذ بعين الاعتبار لكل مفاجأة يمكن ان تأثر على تحقيق هذا المشروع ).

ان التحولات التي يعرفها سوق الشغل في بعض المجالات ربما هي كذلك تعتبر من بين الاسباب التي تجعل تزايد الاقبال على مختلف هذه التكوينات دون اغفال الحديث عن المدارس والمعاهد العليا في تخصصات اخرى والتي ادخلت التكوينات في مجالات التواصل وادارة المال والاعمال والتدبير…لمتدربيها.

فكما يلاحظ الجميع فمفاهيم: المشروع – تنمية الحس المقاولاتي – ربط التكوين بسوق الشغل…كلها مفاهيم بدا الاهتمام بها في مجال التوجيه التربوي بصفة خاصة و في عالم التربية والتكوين بصفة عامة وهذه الثقافة ، لامحال، لها تاثير مباشر او غير مباشر في اختيار التكوين في هذه المجالات .

محمد بكنزيز
اطار في التوجيه التربوي