يعتبر الحصول على البكالوريا بمعدل « كبير » من اولى الاولويات لدى عدد كبير من تلاميذ السنة الثانية من سلك البكالوريا وذويهم .
هذا ا لمعدل الذي يسمح لهم باجتياز المباريات المرغوب فيها ،مما يجعل توترهم يزداد كلما اقترب موعد الامتحانات زيادة على الضغط النفسي الذي يعيشونه وضغط المحيط الذي يتواجدون به في كل مراحل هذه الامتحانات وبعدها.
لكن هذا التوتر يزداد بعد الحصول على البكالوريا في اختيار المباريات التي سيتم اجتيازها او التسجيل بها بعد النجاح في احداها.
هذه الملاحظات تجعلنا نطرح عدة اسئلة حول صعوبة الاختيار بعد النجاح في المباريات التي يتم اجتيازها او التكوينات التي يتم القبول بها بناء على المعدلات والنقط المحصل عليها في البكالوريا.

من اهم هذه الاسئلة نجد :

  • هل صعوبة الاختيار هذه راجعة الى عدم التوفق في المسلك المختار ام الى اشياء اخرى ؟
  • هل كل التلاميذ الناجحين في احدى المباريات يجدون انفسهم في تلك التكوينات التي تم اختيارها؟
  • هل الاختيار الصائب سهل المنال دائما؟
  • كيف يمكن الحد من التنافر المعرفي ان تم الوقوف عليه في بعض الحالات ؟
  • هل من تأثير لكل العوامل الخارجية على الاختيار ؟
  • هل الخوف من نوع التكوين راجع الى عدم القدرة والمسايرة والفشل فيه؟ ام الى الخوف من تحولات سوق الشغل وبالتالي البطالة ؟

الى غيرها من الاسئلة المطروحة والمرتبطة بإشكالية الاختيار الصائب.
كما يعلم الجميع ، فمجرد وصول التلميذ الى البكالوريا يكثر « الموجهون » من داخل العائلة وخارجها ويزداد عددهم حين يحصل عليها ( نفس الملاحظات يمكن ان نراها عند بعض طلبة الاقسام التحضيرية )…
فهناك من ينطلق من ذاته او فشله في عدم اختيار تكوين معين حين نجاحه في البكالوريا وهناك من » يفهم » كثيرا في سوق الشغل ومتطلباته وهناك من يتطفل في توجيه « عباد الله » بدون تكوين في المجال ، وهناك من يريد اسقاط اختيارات معينة على ابناءه رغم الرفض المسبق لها…
كل هذا يزيد من توتر الحاصل على شهادة البكالوريا رغم توجيهه السليم في اختيار مسلك البكالوريا الذي تفوق فيه وبامتياز.
ان التدخلات الكثيرة وغير السليمة في اختيارات التلاميذ تجعلهم لا يركزون على الاختيار الصائب والمناسب لهم ، نظرا لما له من تأثير من كل المشوشات المحيطة بهم.
فرغم نجاح بعض التلاميذ في المدارس والمعاهد العليا التي اختاروها ، عن اقتناع ام لا ، نجدهم يتسارعون الى التسجيل في مباريات اخرى كلما افتتح باب التسجيل بها في السنة الموالية، رغم تفوقهم في السنة الاولى من التكوين الاول .
عدم الارتياح هذا يكمن في تدخل المحيط ، بالدرجة الاولى في اختيارات هؤلاء التلاميذ الذين يشكون في اختيارهم الاول رغم تفوقهم فيه.
لكن السؤال المطروح هو : هل هذا التكوين الجديد الذين تفوقوا في مباراته موجود ضمن مشروعهم الشخصي والدراسي والمهني ،ام لا؟
ان عدم اخذ المبادرة واستشارة ذوو الاختصاص في المجال ،وفي الوقت المناسب ،وعدم الاهتمام ببناء المشروع الشخصي والذي يجد فيه التلميذ نفسه يؤدي به هذا الى التيه بين التكوينات، و في الاخير الندم عنه والصاق فشله هذا بالأخرين ( هذا، رغم التفوق الدراسي للتلميذ ).
من هنا يتضح ان الاختيار الصائب ليس دائما سهل المنال في عالم يتغير بسرعة ويتأثر بتأثير محيطه الاقتصادي الذي يعتبر المزود الاول لفرص الشغل .
ان التنافر المعرفي الذين يحدث اثناء الاختيار ، حالة طبيعية يمر منها كل من يريد الاختيار بين شيئين او عدة اشياء ، في حالة عدم تحديد اولوياته و في حالة عدم بناء مشروع شخصي متكامل من قبل.
ذوو الاختصاص ادرى بهذه الحالات في مجال التوجيه التربوي ، فاخذ المبادرة والاتصال- مع وضع الثقة فيهم – سيمكنهم من تجنب العراقيل التي يمكن تقف حجرة عثرة في اختيارهم لكن شريطة عدم تدخل باقي المشوشات على عملية المساعدة على التوجيه، لان فاقد الشيء لا يعطيه.
فالتربية على الاختيار ، ومنذ الصغر ، تعتبر من الاسس الاولى التي يجب ان يربى عليها التلميذ، والذي يعتبر كذلك ضروريا في بناء الشخصية السليمة له.
الاختيار العشوائي صعب ، لأنه يهم بالدرجة الاولى التلميذ ، و لأنه كذلك ،لا احد يتوقع كيف سيتغير سوق الشغل في المقبل من السنوات ، كما ان اختيارات الانسان ورغباته تتطور مع نضجه وتطوره وتطور محيطه…
لكن اهم شيء، بالدرجة الاولى، هو اختيار التكوين المناسب للقدرات والكفاءات والنتائج الدراسية مع وضع اولويات وفرص بديلة في حالة الفشل في الحصول على الاختيار الاول او عدم التوفيق فيه بعد تحقيقه.
فاخطر شيء يمكن ان يقع فيه التلميذ هو مقارنته بأقرانه ومحاولة تقليدهم في اختياراتهم، بوعي او بدون وعي، لان القدرات والكفاءات والمشاريع الشخصية والمهنية والحياتية تختلف من شخص لأخر.

محمد بكنزيز
اطار في التوجيه التربوي